Español

English

فصل ٢

وإذا كان الحب أصل كل عمل من حق وباطل، وهو1 أصل الأعمال الدينية وغيرها، وأصل الأعمال الدينية حب الله ورسوله، كما أن أصل الأقوال الدينية تصديق الله ورسوله، فالتصديق بالمحبة هو2 أصل الإيمان أصل الإيمان، وهو قول وعمل، كما قد بين في غير هذا الموضع.

ومعلوم أن قوة3 المحبة لكل محبوب يتفاوت الناس فيها تفاوتا عظيما، ويتفاوت حال الشخص الواحد في محبة4 الشيء الواحد، بحيث يقوى الحب تارة ويضعف تارة ، بل قد يتبدل أقوى [الحب ]5 بأقوى البغض وبالعكس .

قال تعالى : ﴿ لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ ﴾ إلى قوله : ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾

[ سورة الممتحنة : ٤-١ ] ، و إبراهيم هو إمام الحنفاء الذين يحبهم الله ويحبونه ، وهو خليل الله .

وقال تعالى : ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [ سورة الشعراء : ٧٥ - ٧٧ ] .

وقال تعالى أيضا : ﴿ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴾ [ سورة الأنعام : ٧٦ ] وقال بعد ذلك : ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [ سورة الأنعام : ٧٩ ] .

وقد قال تعالى : ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [ سورة البقرة : ١٦٥ ] .

ولا ريب أن محبة المؤمنين لربهم أعظم المحبات، وكذلك محبة الله لهم هي محبة عظيمة جدا، كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : «يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ويده التي6 يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها، فبى يسمع ، وبى يبصر ، وبى يبطش ، وبى يمشى، ولئن سألني لأعطينه، ولئن7 استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدى المؤمن ، يكره الموت ، وأكره مساءته ، ولابد له منه8 .

وقد تأول الجهمية - ومن اتبعهم من أهل الكلام - محبة الله لعبده على أنها الإحسان إليه ، فتكون من الأفعال .

وطائفة أخرى من الصفاتية قالوا : هي إرادة / الإحسان . وربما قال كلا من القولين بعض المنتسبين إلى السنة من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم .

وسلف الأمة وأئمة السنة على إقرار المحبة على ما هي عليه .

وكذلك محبة العبد لربه يفسرها كثير من هؤلاء بأنها إرادة العبادة له ، وإرادة التقرب إليه ، لا يثبتون أن العبد يحب الله .

وسلف الأمة، وأئمة السنة، ومشايخ المعرفة، وعامة أهل الإيمان : متفقون على خلاف قول هؤلاء المعطلة لأصل الدين ، بل هم متفقون على أنه لا يكون شيء من أنواع المحبة أعظم من محبة العبد ربه .

كما قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [ سورة البقرة : ١٦٥ ] ، وقال تعالى : ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [ سورة المائدة : ٥٤ ] ، وقال تعالى : ﴿ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [ سورة التوبة : ٢٤ ] ، فلم يرض [ إلا ]9 بأن يكون الله ورسوله أحب إليهم من الأهلين والأموال ، حتى يكون الجهاد في سبيل الله الذي هو من كمال الإيمان .

قال تعالى : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [ سورة الحجرات : ١٥ ] . ولهذا وصف الله المحبين له الذين يحبهم هو بالجهاد ، فقال تعالى : ﴿ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [ سورة المائدة : ٥٤ ] .

وأما تنازع الناس في لفظ «العشق» فمن الناس من أهل التصوف والكلام وغيرهم من أطلق هذا اللفظ في حق الله ، كما روى عبد الواحد بن زيد10 فيما يؤثره عن [ أحد أنبياء ]11 الله أنه قال : «عشقني وعشقته» .

وقال هؤلاء: العشق هو المحبة الكاملة التامة، وأولى الناس بذلك هو الله، فإنه هو الذي يجب أن يحب أكمل محبة، وكذلك هو يحب عبده محبة كاملة.

ولو قيل : إن العشق هو منتهى المحبة أو أقصاها ، أو نحو ذلك ، فهذا المعنى حق من العبد، فإنه يحب ربه منتهى المحبة وأقصاها ، والله يحب عبده، مثل إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم تسليما، أقصى محبة تكون لعباده ومنتهاها، وهما خليلا الله .

كما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال : «إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا»12 . وقال : «لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله»13 .

وذهب طوائف من أهل العلم والدين إلى إنكار ذلك في حق الله . ولا ريب أن هذا اللفظ ليس مأثوراً عن أئمة السلف .

والذين أنكروه لهم من جهة اللفظ / مأخذان ، ومن جهة المعنى مأخذان :

أما من جهة اللفظ : فإن هذا اللفظ ليس مأثوراً عن السلف . وباب الأسماء والصفات يُتبع فيها الألفاظ الشرعية ، فلا نطلق [إلا]14 ما يرد به الأثر .

والأولون يستدلون بمثل قول عبد الواحد بن زيد ونحوه .

وهؤلاء يقولون : هذا من الإسرائيليات التي لا يجوز الاعتماد عليها في شرعنا ، فإن ثبوت مثل هذا الكلام عن الله لا يُعلم إلا من جهة نبينا ﷺ ، وذلك غير مأثور عنه . ونحن لا نصدق بما ينقل عن الأنبياء المتقدمين ، إلا أن يكون عندنا ما يصدقه ، كما لا نكذب إلا بما نعلم أنه كذب . وقد قال النبي ﷺ : «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، فإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه ، وإما يحدثوكم بحق فتكذبوه»15 . وهذا الوجه يقتضي الامتناع من الإطلاق ، إلا [ عند ]16 الجزم بتحريمه في جميع الشرائع .

المأخذ الثاني : أن المعروف من استعمال هذا اللفظ في اللغة إنما هو في محبة جنس النكاح ، مثل حب الإنسان الآدمى مثله ممن يستمتع به من امرأة أو صبى . فلا يكاد يُستعمل هذا اللفظ في محبة الإنسان لولده وأقاربه ووطنه وماله ودينه وغير ذلك ، ولا في محبته لآدمى لغير صورته : مثل محبة الآدمى لعلمه ، ودينه ، وشجاعته ، وكرمه ، وإحسانه ، ونحو ذلك . بل المشهور من لفظ «العشق» هو محبة النكاح ومقدماته ، فالعاشق يريد الاستمتاع بالنظر إلى المعشوق ، وسماع كلامه أو مباشرته بالقبلة واللمس والمعانقة أو الوطء17 ، وإن18 كان كثير من العشاق لا يختار الوطء، بل يحب [ تقبيل ومعانقة ] موطوعه19 ، فهو يحب مقدمات الوطء . وكم ممن اشتغل بالوسيلة عن المقصود .

ثم لفظ «العشق» قد يُستعمل في غير ذلك ، إما على سبيل التواطؤ20 ، فيكون حقيقة في القدر المشترك ، وإما على سبيل المجاز .

لكن استعماله في محبة الله إما أن يُفهم أو يوهم المعنى الفاسد، وهو أن الله يُحب ويُحب ، كما تحب صور الآدميين التي نستمتع بمعاشرتها ووطئها ، وكما21 تحب الحور العين التي في الجنة .

وهذا المعنى من أعظم الكفر ، وإن كان قد بلغ إلى هذا الكفر الاتحادية ، الذين يقولون : «إنه عين الموجودات»22 ، ويقولون : «ما نكح سوى نفسه ، وهو الناكح والمنكوح»23 .

وكذلك الذين يقولون بالحلول العام ، / والذين يقولون بالاتحاد في صور معينة24 ، أو بحلوله فيها25 ، كما يقوله الغالية من النصارى والرافضة وغالية النسّاك ، فإن هؤلاء يصفونه بما يوصف به البشر من النكاح ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، هو الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .

ومن هؤلاء من يعشق الصور الجميلة ، ويزعم أنه يتجلى فيها26 ، وأنه إنما يحب مظاهر جماله . وقد بسطنا الكلام في كفرهم وضلالهم27 في غير هذا الموضع . فمن زعم أن الله يحب أو يعشق وأشار إلى هذا المعنى ، فهو أعظم كفرا من اليهود والنصارى .

وأما المأخذ المعنوي : فهو أن العشق : هل هو فساد في الحب والإرادة ، أو فساد في الإدراك والمعرفة ؟ قيل : إن العشق هو الإفراط في الحب حتى يزيد على القصد الواجب ، فإذا أفرط كان مذموما فاسدا ، مفسدا للقلب والجسم ، كما قال تعالى : ﴿ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [ سورة الأحزاب : ٣٢ ] ، فمن صار مفرطا صار مريضا28 ، كالإفراط في الغضب والإفراط في الفرح وفي الحزن .

وهذا الإفراط قد يكون في محبة الإنسان لصورته ، وقد يكون في محبته لغير ذلك ، كالإفراط في حب الأهل والمال ، والإفراط في الأكل والشرب وسائر أحوال الإنسان، وهذا المعنى ممتنع في حق الله من الجهتين، فإن الله لا يُحب محبة زيادة على العدل . ومحبة عباده المؤمنين له ليس لها حد تنتهى إليه، حتى تكون الزيادة إفراطا وإسرافا ومجاوزة للقصد . بل الواجب أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .

كما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال : «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه منه كما يكره أن يلقى في النار» وفي رواية في الصحيح «لا يجد عبد / حلاوة الإيمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ....» إلى آخره29 ، وقال : «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»30 .

وفي الصحيح أن عمر قال له : يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال : «لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك»، قال : فلأنت أحب إلي من نفسي ، قال : «الآن يا عمر»31 .

وقد تقدم دلالة القرآن على هذا الأصل بقوله تعالى : ﴿ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [ سورة التوبة : ٢٤ ] .

وقيل : إن العشق هو فساد في الإدراك والتخيل والمعرفة ؛ فإن العاشق يخيل له المعشوق على خلاف ما هو به حتى يصيبه ما يصيبه من داء العشق ، ولو أدركه على الوجه الصحيح لم يبلغ إلى حد العشق ، وإن حصل له محبة وعلاقة .

ولهذا يقول الأطباء : العشق مرض وسواسي شبيه بالمالنخوليا ، فيجعلونه من الأمراض الدماغية التي تفسد التخيل كما يفسده المالنخوليا .

وإذا كان الأمر كذلك امتنع في حق الله من الجانبين . فإن الله بكل شيء عليم . وهو سميع بصير ، مقدس منزه عن نقص أو خلل في سمعه وبصره وعلمه . والمحبون32 له عباده المؤمنون الذين آمنوا به وعرفوه بما تعرَّف به إليهم من أسمائه وآياته ، وما قذفه في قلوبهم من أنوار معرفته ، فليست محبتهم إياه عن اعتقاد فاسد .

لكن قد يقال : إن كثيرا33 ممن يكون فيه نوع محبة لله ، قد يكون معها اعتقاد فاسد ، إذ الحب يستتبع الشعور ، لا يستلزم صريح المعرفة ، لا سيما من كان من عقلاء المجانين ، الذين عندهم محبة لله وتأله ، وفيهم فساد عقل ، فهؤلاء قد يصيب أحدهم ما يصيب العشاق في حق الله ، ومعهم حب شديد ، ونوع من الاعتقاد والفاسد .

وكثيرا34 ما يعترى أهل المحبة من السكر والفناء ، أعظم ما يصيب السكران بالخمر ، والسكران بالصور ، كما قال تعالى في قوم لوط : ﴿ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [ سورة الحجر : ٧٢ ] ، فالحب له سكر أعظم من سكر الشراب ، كما قيل : سكران : سكر هوى وسكر مدامة ومتى إفاقة من به سكران ومعلوم أنه في حال السكر والفناء تنقص المعرفة والتمييز، ويضطرب العقل والعلم ، / فيحصل في ضمن ذلك من الاعتقادات والتخييلات الفاسدة، ما هو من جنس العشق الذي فيه فساد الاعتقاد .

وهؤلاء محمودون على ما معهم من محبة الله والأعمال الصالحة والإيمان به ، وأما ما معهم من اعتقاد فاسد وعمل فاسد لم يشرعه الله ورسوله ، فلا يحمدون على ذلك . لكن إن كانوا مغلوبين على ذلك ، بغير تفريط35 منهم ولا عدوان ، كانوا معذورين ، وإن كان ذلك لتفريطهم فيما أمروا به ، وتعديهم حدود الله ، فهم مذنبون في ذلك ، مثل ما يصيب كثيرا ممن يهيج حبه عند36 سماع المكاء والتصدية والأشعار الغزلية ، فتتولد لهم أنواع من الاعتقادات والإرادات التي فيها الحق والباطل ، وقد يغلب هذا تارة وهذا تارة .

فباب محبة الله ضل فيه فريقان من الناس : فريق من أهل النظر والكلام والمتنتسبين إلى العلم ، جحدوها وكذبوا بحقيقتها . وفريق من أهل التعبد والتصوف والزهد ، أدخلوا فيها من الاعتقادات والإرادات الفاسدة ما ضاهوا37 بها المشركين . فالأولون يشبهون المتكبرين . وهؤلاء يشبهون المشركين . وهذا يكون الأول في أشباه اليهود ، ويكون الثاني في أشباه النصارى . وقد أمرنا الله تعالى أن نقول : ﴿ اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ﴾ .

1في الأصل: وهي.

2في الأصل: هي.

3كلمة «قوة» غير واضحة في الأصل، وكذا استظهرتها.

4في الأصل : المحبة

5في الأصل : أقوى ، وفوقها : كذا . ورأيت أن إثبات كلمة «الحب» يستقيم به الكلام .

6في الأصل : الذي .

7في الأصل : ولا .

8مضى هذا الحديث من قبل في هذه المجموعة ( ص ٢٧ الصفات ١٠٧ شرح ) .

9زدت «إلا» ليستقيم الكلام .

10عبد الواحد بن زيد البصري صوفي وواعظ لحق الحسن البصري وغيره ، متروك الحديث ، وقال البخاري : عبد الواحد صاحب الحسن تركوه ، وقال الجوزجاني : سيئ المذهب ليس من معادن الصدق . توفى سنة ١٧٧ . انظر ترجمته وأقواله في : العبر ١/ ٢٧٠ ؛ شذرات الذهب ٢٨٧/١ ؛ ميزان الاعتدال ٦٧٢/٢ - ٦٧٣ ؛ لسان الميزان ٨٠/٤ - ٨١ ؛ حلية الأولياء ٦/ ١٥٥ - ١٦٥ ؛ الطبقات الكبرى ١/ ٣٩ - ٤٠ .

11في الأصل : بإمره (غير منقوطة) عن الله . ولعل الصواب ما أثبته . وانظر كلام ابن تيمية بعد قليل (ص ٢٤٠) .

12ورد هذا الحديث مطولاً عن جندب رضي الله عنه في مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب النهي عن بناء المساجد على القبور .

13جاءت العبارة الأولى من هذا الحديث إلى قوله : «.... لا تخذت أبا بكر خليلا» جزءاً من أحاديث كثيرة عن عدد من الصحابة رضوان الله عليهم . ولكن الحديث بهذا النص جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في : مسلم ٤/ ١٨٥٥ ( كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه ) .

14زدت «إلا» ليستقيم الكلام .

15جاء هذا الحديث بألفاظ مقاربة عن أبي ثعلبة الأنصاري رضي الله عنه ونصه في : سنن أبي داود ١٤٣٣/٣ ( كتاب العلم ، باب رواية حديث أهل الكتاب ) : «... أخبرني ابن أبي ثعلبة الأنصاري عن أبيه أنه بينما هو جالس عند رسول الله ﷺ وعنده رجل من اليهود مر بجنازة ، فقال : يا محمد، هل تتكلم هذه الجنازة ؟ فقال النبي ﷺ : «الله أعلم» فقال اليهودي : إنها تتكلم . فقال رسول الله ﷺ : «ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا : آمنا بالله ورسله، فإن باطلا أن تصدقوه ، وإن حقا لم تكذبوه» . وهو في المسند ( ط. الحلبي ) ٤/ ٤٣٦ ؛ موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان لعلي بن أبي بكر الهيثمي ) تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة ، ط. السلفية ) ص ٥٨ . وضعف الألباني الحديث في ضعيف الجامع الصغير وزيادته» ٩١/٥ وقال السيوطي : حم ( المسند) ، د ( سنن أبي داود ) ، حب ( صحيح ابن حبان ) هق ( سنن البيهقي ) عن أبي ثعلبة الأنصاري . على أن حديثا صحيحا مقاربا جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه ونصه في : البخاري ١٨١/٣ ( كتاب الشهادات، باب لا يُسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرهما ) : «وقال أبو هريرة عن النبي ﷺ : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل .... الآية» . وجاء هذا الحديث في مواضع أخرى في: البخاري ٧ / ٢٠ – ٢١ ( كتاب التفسير ، سورة البقرة ، باب قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ....) ، ٩ / ١١١ ( كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب قول النبي ﷺ لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ) ، ٩/ ١٥٧ ( كتاب التوحيد ، باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرهما من كتب العبرية ) .

16زدت «عند» ليستقيم الكلام .

17في الأصل : الوطى .

18في الأصل : إن .

19في الأصل : بل يحب رطوبته ، وكتب فوقها «كذا» . ولعل ما أثبته يستقيم به الكلام .

20في الأصل : التواطى .

21في الأصل : كما .

22انظر ما سبق في المجموعة الأولى ، ص ١٠٤ - ١٠٥ ، و ٢٠٤ .

23انظر ما سبق ١/ ١٦٥ .

24في أعلى هذه الصفحة إلى اليسار كتب عبارة كأنها « أصحاب الإمام كذلك التقرب » .

25في الأصل: أو ما كوله فيها ، وهو تحريف . وأحسب أن الصواب ما أثبته .

26في الأصل : أنه يتلجى ، وهو تحريف . والمقصود أنهم يقولون إن الله تعالى يتجلى في الصور الجميلة .

27 في الأصل : وظلاهم .

28ما بين المعقوفتين زدته ليستقيم الكلام .

29مضى هذا الحديث من قبل في هذه القاعدة ، ص (۱۲) .

30مضى هذا الحديث من قبل في هذه القاعدة ، ص (۱۲) .

31مضى هذا الحديث من قبل في هذه القاعدة ، ص (۱۲) .

32في الأصل : والمحبوب . وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته .

33في الأصل : كثير ، وهو خطأ .

34في الأصل : وكثير .

35في الأصل : تفرط .

36في الأصل : عن .

37في الأصل : طاهو ، وهو تحريف .